إن إدارة المستقبل، وبعيدا عن التعريفات الموجودة في الأدبيات، ما هي إلا طريقة للتحايل على ذلك العصر، نسبق الزمن بوقت كاف ونفترض بعض الأحداث والوقائع المحتمل وقوعها، وندرس القرارات الواجب اتخاذها في حالة وقوع تلك الأحداث، ولكن تبقى نسبة وقوع ذلك السيناريو المتوقع قليلة جداً، ولزيادة نسبة التوقع والاحتمالية، نقوم بزيادة عدد السيناريوهات والتصورات المحتملة بحيث يكون لدينا عدة سيناريوهات محتملة، سيناريو متفائل وسيناريو متشائم، وبينهما عدة سيناريوهات، وثم ننتظر الحاضر للوصول إلى المستقبل المتوقع واتخاذ القرارات المقررة مسبقاً مع بعض التعديلات وفق نسبة وقع سيناريو معين.
ولم يكتف علماء المستقبل بذلك، بل تخلوا عن انتظار الحاضر للوصول إلى المستقبل، وذهبوا إلى الحاضر بعد وضع السيناريوهات المحتملة ودراستها وتحديد السيناريو المرغوب، وتحديد القرارات الواجب اتخاذها في الحاضر لتشكيل المستقبل المرغوب فيه، وقاموا بتوجيه الحاضر وقيادته من خلال تنفيذ تلك القرارات، وتقييم نتائجها بشكل مستمر، وإجراء التعديلات المناسبة عليها لضمان تحقيق نتائجها وتداعياتها حسب المستقبل المرغوب. لأن قرارات اليوم وتصرفات الحاضر سوف توثر في المستقبل، بل وتحدد صورته بصورة أو بأخرى، إذن يمكن القول بان علم إدارة المستقبل هو ذلك الحقل الذي يتعامل مع المجهول ومحاولة توقع وبناء أحداث المستقبل لا باعتباره شيئا مقررا ومفروضا علينا، ولكن باعتباره شيئا يجب بناؤه وتنفيذه، فهي طريقة تساعدنا على التحكم في المستقبل، وجعله أفضل مما لو جلسنا في انتظار وقوعه.
|